Saturday, March 7, 2009

العمران في عمان




أبراج عمان تناطح السحاب
24 أيلول 2008
عمان نت - محمد شما

ما أن بدأت أمانة عمان الكبرى منذ سنتين بتنفيذ المخطط الشمولي للعاصمة عمان، حتى أن هياكل أبنية شاهقة باتت تُرى من أي موقع في عمان.

وتظهر مناطق الأبراج المختلفة كل حسب مواقع حددتها الأمانة، وفق مخططها، فها هما برجي "بوابة الأردن" وأبراج مقترحة في العبدلي وآخر في الشميساني ووادي عبدون ومناطق أخرى يجري العمل على تشييدها تنتظر الانتهاء لتنهض وتناطح سحاب عمان.

ولم تشهد عمان ذات المساحة (1680) كيلومتر مربع من قبل، بناءً ضخما في تاريخها، غير أبنية باتت معالم في ضخامتها فيما لو تم قياسها مع مجمل الأبنية في عمان، فلم تألف العين العمانية غير "فندق الرويال" المقام منذ سنوات قليلة في جبل عمان، سبقه بسنوات "بناية البرج" على مقربة منه، وكذلك مجمع بنك الإسكان في الشميساني، غير ذلك، لم يسجل أي بناء عامودي ضخم في العاصمة.

أربع مناطق يسمح فيها بإقامة الأبراج المرتفعة والأبنية العالية، ضمن المخطط الشمولي والذي يحدد مناطق الأبراج، هي: المركز التجاري الجديد لمنطقة عمان العبدلي وهي المنطقة التي تحوي مشروع تطوير العبدلي في منطقة الشميساني والذي يعتبر اكبر مشروع للأبنية العالية في العاصمة حيث تم إعادة تطوير للمنطقة إذ ستصبح مركز عمان التجاري، ويحتوي المشروع على مبان عالية متعددة الاستعمالات من مكاتب ومواقع تجارية وفنادق ومبان سكنية.

أما الموقع الثاني لإقامة الأبراج فهو في مركز تقاطعات الطرق الرئيسية وفيه أربعة تجمعات مقترحة لإقامة الأبراج عليها، ويمتد من أسفل وادي عبدون على امتداد الجسر إلى الناحية الجنوبية الشرقية إلى نقطة التقاء شارع الأميرة بسمة مع شارع الأمير علي بن الحسين في نقطة تقاطع على شكل حرف Y وهو الموقع المقترح لهذا المشروع حيث يعتبر منطقة تكثيف حضري.

فيما الموقع الثالث فسيكون في منطقة بوابة عمان الشمالية، وتقع في الجبيهة بمحاذاة شارع الأردن جنوب طريق الشهيد الدائري، وشرق شارع الملكة رانيا، والذي يخدم منطقة الجامعة ومدينة الحسين للشباب.

وفيما يتعلق ببوابة عمان الجنوبية، وهي المنطقة الرابعة، تمتد من الناحية الشرقية لطريق المطار ومحاط بالطريق الدائري لوادي عبدون وطريق جبل عرفات وهو البوابة الشمالية لمدينة عمان، حيث تقع على التقاطع الذي يفصل المرور باتجاه الدوار السابع والثامن، وسيصبح الحد الشمالي لطريق جبل عرفات شريانا رئيسيا لحركة المرور في عمان، وكبديل لشارع زهران للوصول إلى وسط المدينة، العبدلي، والمناطق الشرقية للعاصمة.

وتتلقى أمانة عمان عشرات الطلبات من مستثمرين أجانب لإقامة أبراج تجارية "وصلت إلى 40 طلباً تقريباً"، على حد قول سمير صبحي، مدير التنظيم والمخطط الشمولي في أمانة عمان.

أثناء ذلك، بات المشهد المألوف، رؤية برجي "بوابة الأردن" أو كما اصطلح عليه شعبيا بين المواطنين "برجي عمرة" وهو المشروع الأضخم حاليا "بوابة الأردن" المكونة من 40 طابقا في أعلى مناطق عمان، عند الدوار السادس.

"لم أعتد على منظر بناء ضخم في عمان باستثناء عدة مباني تجارية"، يقول المواطن محمد بزادوغ الذي يرى في مدينته عمان الذي يعتبرها معاصرة ومقبلة على مرحلة جديدة، ولا يرى فيها سوى جزء من التطور الطبيعي للمدن العصرية.

وتهدف الأمانة من وراء سياسة البناء العالي – على ما قاله الأمين عمر المعاني - الحد من ظاهرة ارتفاع الأراضي في هذه المناطق المحددة وبدلا من جعلها مزادا لمستثمرين سيكون قرار منح شراء حقوق تطوير المباني العالية مبنيا على قرار مجلس أمانة عمان الكبرى.


المهندس المعماري، مجدي أبو عبيد، مدير مكتب إيثار للتصاميم المعمارية، يقول إن هناك مبالغة في بناء الأبنية العالية في عمان، لسبب يراه بالمنطقي "عمان مدينة جبلية، ولا يمكن تخيل الأبنية العالية على تلال الجبال كبرجي بوابة الأردن في الدوار السادس حيث المنطقة الأعلى في عمان".

يتذكر أبو عبيد حينما تم تشييد "مجمع بنك الإسكان" في الثمانينات، حمل من الانتقاد الكثير لكونه كان يقع في منطقة مرتفعة ما يجعله مختلفا عن غيره. أبو عبيد أحد المشتغلين في ذلك المجمع عند إنشائه، يتذكر "كان الناس يقولون لنا تم إضافة جبل ثامن لعمان ذلك لما يمثله من ارتفاع شاهق، من هنا فلا بد من التدقيق أكثر في مناطق الأبنية الشاهقة".

جعفر طوقان، مصمم برجي "بوابة الأردن" يعتبر أن الأبراج "أمر واقعي تفرضه عوامل اقتصادية وليس مجرد وجود خيار فحسب". فالأبراج ليست خيارا "هي أمر لا مفر منه اقتصاديا أمام الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي، ولم يكن استثمار الأراضي مجديا طالما أن هناك كثافة في الاستثمار لكن ذلك يكون مشروطا بوجود مخطط شمولي تنظيمي للمدن وتخطيط حضري وهذا ما تقوم به الأمانة".

الأمانة، على حد قول الخبير المعماري طوقان، حددت المواقع المنخفضة في عمان لبناء الأبنية العالية وهي مناطق فارغة وخصصت حولها مساحات واسعة خضراء لأجل تعديل الكثافة السكانية وكذلك لأنها فارغة بالتالي فالمقرر أن تقوم بتأمين الخدمات التحتية من مجاري ومياه وطرق وهذه خطوة تنظيمية ومنطقية للمدن العصرية.

الحافز من وراء المخطط الشمولي – وفق طوقان- هو مشروع بوابة الأردن الذي كان المفاجئة لدى الجميع، ما استدعى الأمانة ومستثمر المشروع بوضع دراسات وتمويل وتنفيذ تلك الدراسات لمواجهة مشكلة كثافة السير والطلب على البنية التحتية لهذا المشروع.

والخطأ السابق كان بغياب مخطط شمولي دارس للنسيج الحضري للمدينة، يعلق طوقان "المخطط الذي يدرس المدينة كوحدة واحدة، حاجة كل مدينة، فلا بد من أن تحدث الأخطاء بغيابه، ولكن تدارك الخطأ في المخطط الشمولي، وعولج الموضوع وتم تخصيص الأماكن واتخذت الإجراءات التي تضمن عدم وجود نشاز كما حصل سابقا".

لم يكن اختيار الموقع في الدوار السادس صحيح 100% وكذلك الحال في العبدلي، وهناك العديد من المناطق في عمان خالية في مساحتها وفي الغالب تحتل مناطق الأبراج مناطق الساحل ثم المناطق الوسطية والمنخفضة"..وفق المهندس أبو عبيد.

وحّمل أبو عبيد أمانة عمان مسؤولية اختيار المناطق التي تقام فيها الأبراج، كالعبدلي، يقول: "كلنا يعرف أنها منطقة اكتظاظ ومتاخمة لجبل اللويبدة والحسين، وهي مناطق ذات كثافة سكانية وتجاري، والأبراج هي بالضرورة ستشهد ازدحامات ما يعني اختناقات".

ويضيف "لماذا لا أقيم أبراج في مناطق ليست ذات اكتظاظ وبالتالي أقوم بإحياء مناطق غير المأهولة بالسكان على مستوى منطقة ضاحية الرشيد فهناك مناطق شاسعة فيها غير مستغلة وكذلك الحال في منطقة شارع الأردن، بالتالي قد ندفع الناس للزحف لتلك المناطق بدلا من إبقاء الاكتظاظ في المناطق".

لكن المعاني يؤكد أن فريق العمل في المخطط الشمولي، قام بتجميع الأبنية العالية في مناطق يمكنها استيعاب التوسع العمراني والكثافة السكانية من حيث البنية التحتية ومراعاة متطلبات السوق.

وسيبلغ أقصى ارتفاع منحته الأمانة لإقامة الأبراج 48 مترا -حسب مدير التنظيم - ويلفت إلى أنهم حددوا مواقع ضمن المخطط لإقامة الأبراج بارتفاعات مختلفة تراوحت بين 40 مترا و32 مترا و 24 مترا.

أبو عبيد، يوضح أن التوسع العامودي يأتي في المناطق التي تستنفذ التوسع الأفقي، لكن في عمان لا تزال هناك فراغات ينبغي استغلالها، كما يقول أبو عبيد، "اشتهرت عمان بين المدن بطبيعتها الجبلية وهي مميزة، لكن التعامل مع هذه الطبيعة بأسلوب بناء عامودي فهذا أمر غير واقعي"، مقترحا أن يكون هناك استغلال للطريق الممتد من المطار حتى طريق العقبة برأيه "كلها امتداد سهلي منبسط يتناسب كثيرا وطبيعة بناء الأبنية العالية".

منطقة رأس العين حيث مقر أمانة عمان الكبرى، هي منطقة اكتظاظ، قامت الأمانة بتخصيص مساحات واسعة لمباني ضخمة وعددها قليل بنفس الوقت وخصصت مساحة للمتنزهات وهذا أثر إيجابا على المكان.

برج على جبل!
وأعلنت الأمانة سابقا عن نظام جديدة غايته "توجيه تطوير المباني المرتفعة، تم تبنيه وفقا لأحدث النظم العالمية المستخدمة من خلال توفير التوازن بين التنظيم البلدي الذي تفرضه الأمانة من جهة، وتوفير المرونة الكافية للمعماريين للتصميم".

الحفاظ على الطابع العمراني والتراثي لمدينة عمان هذا ما يتمناه أمين عمان الأسبق، النائب الدكتور ممدوح العبادي ولا يتخيل ان يكون هناك برجا في جبل عمان أو جبل اللويبدة، "لهما خصوصية معينة يجب أن نحافظ عليها، فهناك متسع في مدينة عمان لبناء الأبراج عليها، علينا المحافظة على المدينة القديمة لعمان". يتحدث النائب في تدليله على فكرة بناء برج في مناطق جبلية مرتفعة مستهجنة.

ويضيف النائب العبادي أن مناطق الأبراج في كل مدن العالم تكون محددة وليست متاحة في كل المناطق، ذلك الجبلين وغيرها من الجبال لها خصوصية في العمران والتراث لذلك علينا المحافظة عليها.

"البرج ليس إضافة جمالية بقدر ما هو حاجة لاستغلال العامودي للمكان، لمواجهة الكثافة السكانية، فيقوم المخططون للمدن بالتفكير بالبرج لاستغلال المساحات عبر الارتفاع العامودي ولعدم الامتداد الأفقي لمناطق السكن"، والحديث للنائب العبادي والذي شغل منصب أمين العاصمة عمان أوائل التسعينات ويلفت أن فريقا من الكوادر الفنية في الأمانة كانت تخطط لمستقبل البناء في عمان.


نائب أمين عمان، عامر البشير، يؤكد في اجتماع عقد مسبقا مع مجموعة معماريين أردنيين، أن خصوصية عمان "تكمن في تنوعها فهي موزاييك متعدد العمران ينسجم مع النسيج الحضري لمدينة عمان لما لها من طبوغرافية خاصة".

قانون للحماية
ويكفل قانون حماية التراث العمراني والحضري رقم 5 لسنة 2005، بمادته الثالثة، حماية الممتلكات التراثية والحفاظ على المواقع التراثية الأردنية وحمايتها وصيانتها.

وتتشكل لجنة وفق ما يطلبه القانون من وزارة السياحة بتشكيل لجنة تسمى ( اللجنة الوطنية لحماية التراث العمراني والحضري ) برئاسة الوزير وعضوية كل من: 1. مدير عام دائرة الآثار العامة نائبا للرئيس. 2. أمين عام وزارة السياحة والآثار. 3. مدير عام المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري. 4. ممثل عن وزارة التخطيط يسميه وزيرها. 5. ممثل عن وزارة الشؤون البلدية يسميه وزيرها. 6. ممثل عن وزارة البيئة يسميه وزيرها. 7. ممثل عن وزارة المالية يسميه وزيرها. 8. ممثل عن أمانة عمان الكبرى يسميه أمين عمان 9. ممثل عن القوات المسلحة الأردنية يسميه رئيس هيئة الأركان المشتركة. 10. أربعة أشخاص من ذوي الخبرة والاهتمام بالتراث العمراني يتم تعيينهم بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير.

وبحسب القانون في مادته الخامسة، فاللجنة تتولى مهام وصلاحيات أبرزها: وضع الأسس والمعايير الكفيلة بالحفاظ على التراث العمراني والحضري ورفعها الى مجلس الوزراء لإقرارها ونشرها في الجريدة الرسمية.
والتنسيب الى مجلس الوزراء باعتماد المواقع التراثية وتوثيقها وإدراجها في سجل التراث العمراني والحضري بعد دراستها وتقييمها وإعداد جداول تتضمن أسماء المواقع التراثية وحدودها ونشرها في الجريدة الرسمية.

فراس الربضي، مدير قسم التراث العمراني في أمانة عمان الكبرى، يقول إن القسم يعمل بشكل متواز مع القائمين على المخطط الشمولي للعاصمة عمان، "نعمل مع المخطط الشمولي لأجل المحافظة على المباني القديمة، بخطوة تهدف إلى مراعاة الأبنية القديمة والمحافظة عليها وحماية النسيج العمراني الذي يمثل المناطق المستقرة سكانيا، وتم مراعاة خط الأفق لمدينة عمان".

ويشارك قسم التراث في تحديد مواقع الأبراج، ويقول الربضي "راعينا بُعده عن الأماكن التراثية، وأماكن لها علاقة بدراسات مرورية والبنية التحتية وكذلك المناطق التي فيها أراضي فارغة".

واعتبرت الأمانة المنطقة من الدوار الأول حتى الرابع هي منطقة تراثية، "وقد حافظنا عليها من خلال أحكام التنظيم بارتفاعات الطوابق بالإضافة إلى طلبات نتلقاها حول هدم أو بناء مباني في تلك المناطق وتعديل وتحديدا التراثية وفي جبل اللويبدة ووسط المدينة، وتمر على لجنة فنية نصف كادرها من خارج الأمانة وتقدم توصيات والدراسات حول كل طلب، من باب السيطرة على التوسع العمراني والمحافظة على العمران التراثي".

وكشف الربضي عن توجه للأمانة يقضي بطرح عطاء مدعوم من الحكومة الفرنسية لتأهيل الأماكن التراثية في عمان، وينتظر أن يرسي العطاء على واحدة من الشركات المتقدمة، ويتكون من 3 دراسات لمدينة عمان: الأولى تحليل لتطور العمارة في عمان، الثانية توثيق المباني والمواقع القديمة في المدينة والثالثة هي دراسة قانونية تشريعية بخصوص القانونين المتعلقة بالمحافظة على العمران التراثي وتفعليها.

بنية تحتية قوية!
ويقول رئيس لجنة الإسكان في نقابة المهندسين، أسامة الربيع، إن الأبراج تخفف من كلفة البنية التحتية من خلال استغلال البنية التحتية المتوفرة، "لكن هذا الأمر على المدى الطويل يشكل ضغطا على هذه البنية إذ لم تعد الشوارع تحتمل على سبيل المثال".

والنقطة الأخرى – وفق الربيع – هي أن "جميع دول العالم تتجه للأبراج خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الأراضي من هنا تأتي أهمية التوسع الأفقي".

ولا تجد الأبراج القبول لدى بعض الشرائح الأردنية التي تعتبرها "تغيرا لهوية العاصمة" وكما يرى الكاتب الصحفي فهد الخيطان في مقالة له.. "بعد سنوات قليلة ستتغير ملامح عمان، المدينة التي كانت الجبال السبعة تشكل هويتها ستظهر لها معالم جديدة تتلاشى معها كل المظاهر التي ميزتها عن المدن الأخرى، سلسلة من الأبراج الشاهقة بدأت بالظهور في أحياء عمان الغربية من الدوار السادس وحتى وادي عبدون آخرها مشروع بكلفة 300 مليون دولار. حيث ستقيم شركة ليمتلس تورز مشروعاً عقارياً يشتمل على برجين يبلغ ارتفاع الواحد منهما 200 متر تصفهما الشركة المالكة بأنهما من العجائب الهندسية لما يميز تصميمهما الهندسي من تشكيلات معمارية غير مسبوقة".

اقتصاد الأردن من أقل اقتصاديات الدول الأخرى ولكن نمط الأبراج يعتبر واحدا من إفرازات العولمة، حيث تعتمد الأبراج على التصنيع والبناء بطرق صناعية وليس بالطرق التقليدية، هي من إفرازات الثورة الصناعية وتشمل كل الدنيا مثل السيارات التي نركبها ويركبها الألمان والأمريكان..هذا ما يقوله المعماري طوقان.

ويضيف طوقان أن هذه هي العولمة، والعمارة في هذه الدنيا مثل أي شيء آخر، فلابد أن تتأثر بالعولمة، والأبراج هي من إفرازات العولمة بوجود مخطط شمولي واعي مدرك للاعتبارات التي تحيط بمباني الأبراج، متوقعا أن يكون الوضع جيدا مع قيام الأبراج بالمدينة بطريقة واعية ومنظمة.

فيما يعتبر النائب العبادي أن هناك أراض كثيرة في العاصمة عمان فيها من المتسع الكثير لبناء الأبراج، لكن أن يكون هناك برج في جبل عمان أو جبل اللويبدة فهذا غير مقبول أبدا ولا يتناسب مع طبيعة المكان القديم.

نقيب المقاولين الأردنيين، ضرار الصرايرة، ينظر إلى الأبراج المقامة من حيث ما لها من تأثير على ما يقطن من حولها، يقول: "هناك إجحاف بحقوقهم، فهي ستأخذ كثيرا من مستوى الخدمات التحتية لها، هي قد تحجب عنهم أمور كثيرة كالشمس وستخلق ازدحامات مرورية ليست جيدة لهم أبدا".

وتواجه منطقة الدوار السادس التابعة لمنطقة وادي السير تحديات كبيرة ناجمة عن ما سيخلقه مشروع "بوابة الأردن" المنفذ من قبل شركة "بنيان" المملوكة لكل من شركة بيت التمويل الخليجي الإماراتية، والشركة الكويتية للاستثمار القابضة.

ويحّمل مراقبون الأمانة مسؤولية اختيار موقع الأبراج في منطقة السادس "فهي تعاني من ازدحامات مرورية ومنطقة اكتظاظ سكاني ما يعني حجما من الخدمات على شبكاتها الصحية والكهربائية"..لكن الأمانة ترى أن "التحديات تواجه مجمل مناطق العاصمة والمعمول به في الفترة الحالية هو تنفيذ حزمة مشاريع من شأنها مواكبة طفرة التطور التي تشهدها عمان وهذه الطفرة متمثلة بسلسلة مشاريع ضخمة كالأبراج التي تقام على أربع مناطق من العاصمة عمان".

بنية تحتية أقوى لأبراج!
قبل عدة سنوات لم تكن هناك نية لإنشاء الأبراج فكانت المباني تبُنى وتبقى شبكات الصرف الصحي موجودة دون إجراء أي تحديث عليها، ولم تكن هناك رؤية مستقبلية لبناء شبكات تحتمل ضغط مشاريع ضخمة كالأبراج..يقول مهندس الميكانيك والمختص بالشبكات عبادة الخوالدة.


"وما سيحدث هو ضغط على شبكات الضغط الموجودة سواء من المياه النظيفة أو من المياه الآسنة".. وما المطلوب حاليا –وفق الخوالدة- "هو تحديث المسرب الرئيس على الشبكات التي ستربط الأبراج بالمحطات حيث ينبغي أن تكون منشأة بآليات حديثة ومتطورة لتستوعب ضغط الذي ستولده مناطق الأبراج وبنفس الوقت ليس إلزاميا تجديد شبكات الصرف العادية الموصولة بالمباني السكنية".

الخوالدة، يطالب من الأمانة أن تراعي العطاءات التي ستطرحها شركة مياهنا لبناء شبكات الأبراج المواصفات العالمية من حيث نوعية الأنابيب والمناهل وعمق الحفر.

"مشهد الأبراج غير مألوف في عمان، مستقبلا سيكون المشهد اعتياديا"

وتستنفر شركة مياهنا وأمانة عمان كوادرهما لأجل تنفيذ شبكة قادرة على استيعاب الضغط الذي ستواجهه الشبكات في مناطق الأبراج؛ عن طريق مشروع سيمول من قبل الحكومة ومن مستثمري الأبراج "وستعمم الشراكة على مجمل مشاريع الأمانة الأخرى المتعلقة بالأبراج مع مستثمريها في كريدور عبدون ومواقع أخرى".

"سيؤثر استيعاب الشبكة على خدمة المساكن المجاورة للأبراج"..وهذا ما يتطلب تكبير الأقطار في الخطوط الناقلة نتيجة تأثير ربط الأبراج بشبكة الصرف الصحي"..يتحدث نضال العقيلي مدير دائرة التنسيق في أمانة عمان..متحدثا عن دور الأمانة فيما يتعلق بإدارة دفة شبكات الصرف الصحي في منطقة السادس والذي يكمن "بإعطاء التصاريح للمقاولين والمراقبة".

بذلك، تقوم الأمانة بتسهيل مهمة المقاول المنفذ للمشروع ولا تتعدى التدخل في إنشاء الشبكات ويظهر دور سلطة المياه والتي تعد دراسة من شأنها تكبير الخطوط لتستوعب التغييرات الناتجة عن الأبراج مثل مشروع كريدور عبدون "والآن يجرى تكبير الخطوط من 600 إلى 1200 وهو من الخطوط الرئيسة المتأثرة".

وتجري شركة "مياهنا" دراسة لأجل معرفة احتياجات مناطق الأبراج من المياه والصرف الصحي وتحديد التكاليف، وفق المدير التنفيذي للشركة كمال الزعبي.

الزعبي، يعتبر أن مناطق الأبراج ستواجه ضغطا هائلا على الشبكات ما يتطلب عبّارات مياه ضخمة وكذلك الحال على الطرق والأنفاق.

يقول: "ثمة تنسيق بين الأمانة ومياهنا وقد قامت سلطة المياه بإجراء دراسات فنية تستدعي المستثمرين المساهمة بالتكاليف وهذا ما ينطبق حاليا على مشروع بوابة الأردن في الدوار السادس من خلال شركة بنيان والتي تملك كذلك موقع آخر في القرية الملكية في مرج الحمام وستوزع الكلف على المستثمرين العديدين استنادا على مساحة كل مشروع تكون الخدمة وتوزع التكاليف عليهم".

فيما يقترح نقيب المقاولين مواقع أخرى لبناء الأبراج.."من عند الدوار السابع والثامن وطريق المطار أو في المناطق الشرقية".

يطالب نقيب المقاولين بتعمير طريق المطار وتأهيله بالأبراج "علينا أن نمتد إلى المناطق غير المأهولة بالسكان والعمران وليس إلى المناطق التي تشهد ازدحامات سكانية، فبرج في حي سكني ليس منطقي على الإطلاق".

معهد متخصص
أمانة عمان الكبرى، تعكف حاليا على تأسيس معهد "لتوثيق المخطط الشمولي العمراني لمدينة عمان ولزيادة المعرفة، ومن باب نقل المعرفة للبلديات الأخرى التي طالبت الأمانة بتزويدها بخبراتها في التخطيط وكذلك بلديات دول خليجية عديدة" وفق الأمين.

هذا المعهد، يعتبر هيئة غير ربحية، مستقل ماليا وإداريا عن الأمانة، وغايته إعداد الدراسات الحضارية لمدينة عمان وتقديم التوصيات لمجلس الأمانة وكذلك عقد الدورات للبلديات الأخرى سواء داخل أو خارج الأردن.

ويوضح عمر المعاني أن أهداف المعهد غير الدراسات "جلب خبرات أردنية كانت في الخارج حيث تعود إلى وطنها وترفض التعامل مع الأمانة من باب أنها جهة حكومية، بذلك يكون المعهد مكانا لاستقطاب الخبرات الأردنية".

هيفاء النجار، عضو مجلس أمانة عمان، تعتبر أن الحاجة أصبحت ملحة لإنشاء معاهد ومؤسسات لأجل توثيق العمار العاصمة عمان ومدن أخرى، معتقدة أن خطوة الأمانة في إنشاء المعهد جاءت متأخرة ولكنها ضرورية.

نقيب المهندسين، وائل السقا، يعتبر ان هذا المعهد ضرورة رغم تأخر إنشائه، "إضافة بحثية أخرى لمزيد من الدراسات المتخصصة في البناية العالية".

في وقت مضى، أسست النقابة معهداً يتشابه في أهدافه مع ما تقوم به الأمانة، ولكنه متخصص بالأبنية القديمة في مدينة السلط، موضحا ان "لا دور تنظيمي له" حيث سيكون صاحب الدور البحثي والتثقيفي والتوعوي لمنح المزيد من الدراسات يتم رفدها إلى قطاع البناء.

ومع حركة البناء التي تشهدها العاصمة عمان، يظهر دور "المجلس الوطني للبناء" لضبط إيقاع البناء في الأردن لتخرج حركة التوثيق البحثية "غائبة" لا دور لها.

وتشهد عمان حاليا طفرة عمرانية "غير مسبوقة" من مشاريع إسكان ضخمة، ومشاريع كالعبدلي ووسط البلد والمدن الملكية، تعمل ضمن مواصفات السلامة العامة والكودات الآمنة، وهذا تحد كبير، حيث المطلوب تأسيس معهد متخصص في هكذا قضايا.

يقول السقا ان للنقابة مركز تدريب يشرف على آلاف المهندسين "سنرفد المعهد بالكثير من الخبرات وكذلك للمخططين في أمانة عمان الكبرى".

فيما يدعو نقيب المقاولين ضرار الصرايرة، إلى وضع أسس لحركة البناء والعمار في الأردن، ويضيف "التخطيط هو التطور الذي نسعى إليه، ونتأمل ان يكون هناك تنسيق عالي بين جميع الأطراف المعنية بالبناء في الأردن".

ستضم الهيئة التأسيسية المقترحة للمعهد: وزير البلديات شحادة أبو هديب، رئيس مجلس إدارة شركة تطوير العقبة عماد فاخوري، وزير البيئة خالد الإيراني، مدير المدينة عمار الغرايبة. سبق تلك الخطوة بسنة واحدة استحداث الأمانة دائرة خاصة لمتابعة إنشاء الأبراج العالية متعددة الاستعمالات.

أحد المخططين للعاصمة عمان، تمنى على الأمانة أن تسير قدما نحو ما أعلنته سابقا وعلى لسان أمينها المعاني الذي قال وقتها بأنهم سوف يشركوا المواطنين من كافة الشرائح في بعض المشروعات ليكون المواطن جزءا رئيسا وعاملا فيها ويتواصل معها لكنها أي الأمانة حتى الآن لم تقم بتلك الخطوة.

عمان، ترتفع 750 متراً عن سطح البحر وترتفع جبالها إلى 918 متراً. وتقع فيها عدة مواقع تراثية من جبل القلعة ويعود بناؤه الى الفترة الأموية ويطلق عليه اسم "القصر الأموي"، أما الموقع الثاني فهو "المدرج الروماني" ويقع في سفح جبل الجوفة في مدينة عمّان، وهناك أيضا "أهل الكهف" ويقع الكهف في قرية الرجيب على بعد 4 كم شرق مبنى التلفزيون الأردني و 1.5 كم شرق أبو علندا .الاسم القديم للموقع هو الرقيم. فيما يتجاوز عدد سكان العاصمة عمان عن الـ2 مليون ونصف المليون نسمة.
http://ahmedaliw.blogspot.comاقراء المزيد بالانجليزية

No comments:

Post a Comment